حتى لايصدأ هذا القلب

حتى لايصدأ هذا القلب

من أشغلته الدنيا عن ذكر ربه ومولاه فقد صدأ قلبه ، وإنما صدأ القلب بالغفلة والذنب ، وجلاؤه بالذكر والاستغفار ،

قال أبوالدرداء : لكل شيء جلاء وجلاء القلوب ذكر الله ،
فمن كثرت غفلته كثر صدؤه وتراكب على قلبه ، حتى لايعرف معروفاً ولا ينكر منكراً ، قال الله جل ذكره عن المنافقين ((ولا يذكرون الله إلا قليلاً)) ، وعليه يكون قسوة القلب ثم يختم عليه بالران .

وعن عائشة –رضي الله عنها- قالت :"كان رسول الله يذكر الله على كل أحيانه"[رواه مسلم] وقالت كان خلقه القرآن ، والله يقول في كتابه آمراً المؤمنين بذكره ((يأيها آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيراً ، وسجوه بكرة وأصيلاً))

قال ابن عباس: أي "بالليل والنهار، في البر والبحر، والسفر والحضر والغنى والفقر والمرض والصحة والسر والعلانية" .
قال الشيخ ابن سعدي (3/1112) :"يأمر تعالى المؤمنين بذكره ذكراً كثيراً، من تهليل وتحميد وتسبيح وتكبير وغيره ... من كل قول فيه قربة إلى الله، وأقل ذلك -أقل الذكر- أن يلازم الإنسان أوراد الصباح والمساء وأدبار الصلوات الخمس وعند العوارض والأسباب، وينبغي مداومة ذلك في جميع الأوقات فإن ذلك عبادة يسبق العامل بها غيره، وداع الى محبة الله"

وقد وصف الله الذاكرين بأجل الذكر فقال ((الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم )) وقال عزوجل ((والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعد لهم مغفرة وأجراً عظيماً))

فالعبد يذكر ربة لشدة حاجته إليه، وافتقاره له، وعدم استغناه عنه طرفة عين، فأي لحظة خلا فيها العبد عن ذكر الله كانت عليه لاله، وكان خسرانه فيها عظيم، وندم على ذلك أشد الندم يوم القيامة، فالصدأ للحديد والحديد لايصلحه إلا البار نسأل الله السلامة والعافية ...
فمن لم يكثر من الذكر فاته الخير العظيم، فعن أبي هريرة قال قال رسول الله : ((من قعد مقعدًا لم يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترة، ومن اضطجع مضطجعا لايذكر الله تعالى فيه إلا كانت عليه من الله ترة)) أي : حسْرَةٌ ونقص وتبعة ،
يفسره حديث عائشة عن النبي قال : (مامن ساعة تمر على ابن أدم لا يذكر الله تعالى فيها إلا تحسر عليها يوم القيامة)[رواه البيهقي،والحديث حسن] ،

قال بعض الصالحين : لو أقبل عبد على الله كذا كذا سنة ثم أعرض عنه لحظة ، لكان مافاته أعظم مما حصله .
وجاء رجل إلى الحسن البصري فقال : يا أبا سعيد أشكو إليك قسوة قلبي ،
قال :"أذبه بالذكر" ، وكان عامة كلام ابن سيرين : سبحان الله العظيم سبحان الله وبحمده .

قال إبراهيم النخعي :
تسبيحة في رمضان خير من ألف تسبيحة فيما سواه .

فضل الذكر:
السنة مليئة بالأحاديث التي تبين فضل الذكر العظيم قدره و فوائدة .. منها ..

1-عن أبي الدرداء قال قال رسول الله "ألا أدلكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخيركم من إنفاق الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا يارسول الله قال :ذكر الله "صحيح الترمذي .

2- النبي يقول: (سبق المفردون) قالوا: ما لمفردون، قال: (الذاكرون الله كثيراً والذاكرات) رواه مسلم

3- أتى رجل إلى النبي فقال : يارسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت عليّ، فباب نتمسك به جامع، فقال (لايزال لسانك رطبا بذكر الله) صحيح الترمذي
4- (مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت) [رواه البخاري] فكأن الذكر روح الجسم
قال شيخ الاسلام :الذكر للقلب مثل السمك للماء فكيف يكون حال السمك بلا ماء "

فوائد الذكر :
1>طرد الشيطان وكسره ، فيكون حرزاً له ، فمن خلا من الذكر لازمه الشيطان ، قال تعالى (( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين )) قال ابن عباس :الشيطان جاثم على قلب ابن آدم ، فإذا سها أو غفل وسوس فإذا ذكر الله خنس.

2>يجلب للقلب الفرح والسرور والرحة ، ويورت القلب السكينة والطمأنينة ، "فما طابت الدنيا إلا بذكره ولا طابت الآخرة إلا بعفوه ، ولا طابت الجنة إلابرؤيته"، ((الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)) أي : يزول عنها القلق والاضظراب ، ويحِلَّ الأنس والفرح ، فالذكر للقلب حياة وقوت القلب والروح ، وفقده يورث الموت .

3>الذكر يورث العبد ذكر الله للعبد ، كما قال عز شأنه ((فاذكروني أذكركم)) وفي الصحيحين عن النبي فيما يرويه عن ربه ((من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ،ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه )) .

4>الذكر يحط الخطايا ويذهبها ، ويجلب حسنات ويكثرها ، وينجي من العذاب بالعمل القليل السهل ، قال صلى الله عليه وسلم ((من قال : سبحان الله وبحمده ، في يوم مائة مرة ، حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) رواه البخاري ، وقال سعد بتن أبي وقاص : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " أيعجز أحدكم أن يكسب ، كل يوم ، ألف حسنة ؟ " فسأله سائل من جلسائه : كيف يكسب أحدنا ألف حسنة ؟ قال " يسبح مائة تسبيحة ، فيكتب له ألف حسنة . أو يحط عنه ألف خطيئة "

وفي البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((من قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير . في يوم مائة مرة ، كانت له عدل عشر رقاب ، وكتبت له مائة حسنة ، ومحيت عنه مائة سيئة ، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه))

قال الشيخ ابن عثيمين : ذكر الله يكون بالقلب واللسان والجوارح .
فذكر القلب : بالتفكر في أسماء الله وصفاته وأحكامه وآياته ، واللسان : بالتهليلي والتسبيح والقرآن والأمر بالمعروف وقراءة العلم ، والجوارح : كل فعل يقرب ‘لى الله كالقيام فس الصلاة والركوع والسجود غيره ..